سورة المائدة - تفسير تفسير أبي السعود

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المائدة)


        


{لَئِن بَسَطتَ إِلَىَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِى مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِىَ إِلَيْكَ لاِقْتُلَكَ} حيث صدَّر الشرطيةَ باللام الموطِّئةِ للقسم وقدم الجارَّ والمجرورَ على المفعول الصريح إيذاناً من أول الأمر برجوعِ ضررِ البسطِ وغائلتِه إليه، ولم يُجْعلْ جوابُ القسم السادُّ مسدَّ جوابِ الشرط جملةً فعليةً موافقة لما في الشرط، بل اسميةً مصدّرةً بما الحجازية المفيدةِ لتأكيدِ النفي بما في خبرها من الباء للمبالغة في إظهار براءتِه عن بسْطِ اليد ببيانِ استمراره على نفي البسط كما في قوله تعالى: {وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ} وقوله: {وَمَا هُم بخارجين مِنْهَا} فإن الجملة الاسميةَ الإيجابيةَ كما تدل بمعونة المقام على دوام الثبوت كذلك السلبية تدل بمعونته على دوام الانتفاءِ لا على انتفاءِ الدوامِ، وذلك باعتبار الدوام والاستمرار بعد اعتبارِ النفي لا قبله حتى يردَ النفيُ على المقيّدِ بالدوام فيرفعَ قيدَه. أي والله لئن باشرتَ قتلي حسبما أوعدتني به وتحقق ذلك منك ما أنا بفاعلٍ مثلَه لك في وقت من الأوقات ثم علل ذلك بقوله: {إِنّى أَخَافُ الله رَبَّ العالمين} وفيه من إرشادِ قابيلَ إلى خشية الله تعالى على أبلغ وجهٍ وآكدِه ما لا يخفى، كأنه قال: إني أخافه تعالى إن بسطتُ يدِيَ إليك لأقتلك أن يعاقبَني وإن كان ذلك مني لدفع عداوتِك عني فما ظنُّك بحالك وأنت البادىءُ العادي، وفي وصفه تعالى بربوبية العالمين تأكيدٌ للخوف. قيل: كان هابيلُ أقوى منه ولكن تحرَّج عن قتله واستسلم خوفاً من الله تعالى لأن القتلَ للدفع لم يكون مُباحاً حينئذ، وقيل: تحرِّياً لما هو الأفضلُ حسبما قال عليه السلام: «كن عبدَ الله المقتول ولا تكنْ عبدَ الله القاتل» ويأباه التعليلُ بخوفه تعالى إلا أن يدعى أن تركَ الأَوْلى عنده بمنزلة المعصية في استتباع الغائلة مبالغةً في التنزه، وقوله تعالى: {إِنّى أُرِيدُ أَن تَبُوء بِإِثْمِى وَإِثْمِكَ} تعليل آخرُ لامتناعه عن المعارضة على أنه غرَضٌ متأخِّرٌ عنه كما أن الأولَ باعثٌ متقدِّمٌ عليه، وإنما لم يُعطفْ عليه تنبيهاً على كفاية كلَ منهما في العِلّية والمعنى إني أريد باستسلامي لك وامتناعي عن التعرّض لك أن ترجِعَ بإثمي أي بمثل إثمي لو بسطتُ يدي إليك وإثمِك ببسط يدِك إليّ، كما في قوله عليه السلام: «المُسْتَبَّانِ مَا قَالاَ فَعَلَى البَادِىءِ مَا لَمْ يَعْتَدِ المَظْلُوم» أي على البادىء عينُ إثمِ سبِّه ومثلُ سبِّ صاحبه بحكم كونه سَبَباً له، وقيل: معنى {بإثمي} إثمِ قتلي ومعنى {بإثمك} إثمِك الذي لأجله لم يُتقبَّلْ قُربانُك، وكلاهما نصب على الحالية أي ترجع ملتبساً بالإثمين حاملاً لهما ولعل مرادَه بالذات إنما هو عدمُ ملابستِه للإثم لا ملابسةِ أخيه له، وقيل: المراد بالإثم عقوبتُه ولا ريب في جواز إرادة عقوبةِ العاصي ممن عَلِم أنه لا يرعوي عن المعصية أصلاً، ويأباه قولُه تعالى: {فَتَكُونَ مِنْ أصحاب النار} فإن كونَه منهم إنما يترتّب على رجوعه بالإثمين لا على ابتلائِه بعقوبتهما، وحملُ العقوبة على نوعٍ آخَرَ يترتّبُ عليها العقوبةُ النارية يردّه قوله تعالى: {وَذَلِكَ جَزَاء الظالمين} فإنه صريحٌ في أن كونه من أصحاب النار تمامُ العقوبة وكمالُها، والجملة تذييلٌ مقرِّرٌ لمضمون ما قبلها، ولقد سلك في صَرْفه عما نواه من الشر كلَّ مسلك من العظة والتذكير بالترغيب تارةً والترهيب أخرى، فما أورثه ذلك إلا الإصرارَ على الغيِّ والانهماك في الفساد.


{فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ} أي وسَّعَتْه وسهّلته، من طاعَ له المرتَعُ إذا اتسع، وترتيبُ التطويع على ما حُكي من مقالات هابيلَ مع تحققه قبلها أيضاً كما يُفصح عنه قولُه: {لأََقْتُلَنَّكَ} لِما أن بقاءَ الفعل بعد تقرّر ما يُزيله من الدواعي القوية وإن كان استمراراً عليه بحسَب الظاهر، لكنه في الحقيقة أمرٌ حادث وصُنع جديد، كما في قولك: وعظتُه فلم يتَّعظ، أو لأن هذه المرتبةَ من التطويع لم تكن حاصلةً قبلَ ذلك بناءً على تردُّده في قُدرته على القتل، لما أنه كان أقوى منه. وإنما حصلت بعد وقوفه على استسلام هابيلَ وعدم معارضتِه له، والتصريحُ بأُخوَّته لكمال تقبيحِ ما سوَّلته نفسُه. وقرئ {فطاوعت} على أنه فاعَلَ بمعنى فعل، أو على أن قتل أخيه كأنه دعا نفسه إلى الإقدام عليه فطاوعته ولم تمتنع، و{له} لزيادة الربطِ كقولك: حفظتُ لزيد مالَه {فَقَتَلَهُ} قيل: لم يدر قابيلُ كيف يقتل هابيلَ، فتمثل إبليسُ وأخذ طائراً ووضع رأسه على حجر ثم شدَخها بحجر آخرَ فتعلّم منه فرضخَ رأسَ هابيلَ بين حجرين وهو مستسلم لا يستعصي عليه، وقيل: اغتالَه وهو نائم، وكان لهابيلَ يوم قُتل عشرون سنة واختلف في موضِع قتلِه، فقيل: عند عقبةِ حِراء، وقيل: بالبصرة في موضع المسجدِ الأعظم، وقيل: في جبل بود، ولما قتله تركه بالعَراء لا يدري ما يصنع به فخاف عليه السباع فحمله في جِراب على ظهره أربعين يوماً، وقيل: سنة، حتى أروح وعكفت عليه الطيور والسباع تنظر متى يرمي به فتأكلَه {فَأَصْبَحَ مِنَ الخاسرين} ديناً ودنيا.
{فَبَعَثَ الله غُرَاباً يَبْحَثُ فِى الارض لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِى سَوْأَةَ أَخِيهِ} روي أنه تعالى بعث غرابين فاقتتلا فقتل أحدهما الآخرَ فحفر له بمنقاره ورجليه حُفرة فألقاه فيها، والمستكنُّ في {يريَه} لله تعالى أو للغراب، واللام على الأول متعلقة ببعَثَ حتماً، وعلى الثاني بيبحث، ويجوز تعلُّقها ببعث أيضاً و{كيف} حال من ضمير {يُواري} والجملةُ ثاني مفعولي يري، والمرادُ بسَوْءة أخيه جسدُه الميْتُ {قَالَ} استئنافٌ مبنيٌّ على سؤال نشأ من سوق الكلامِ كأنه قيل: فماذا قال عند مشاهدةِ حال الغراب؟ فقيل: قال: {يا ويلتى} هي كلمةُ جَزَعٍ وتحسّرٍ والألفُ بدلٌ من ياء المتكلم والمعنى يا ويلتي احضُري فهذا أوانك، والويلُ والويلةُ الهلَكة {أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ} أي عن أن أكون {مِثْلَ هذا الغراب فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِى} تعجبٌ من عدم اهتدائِه إلى ما اهتدى إليه الغرابُ، وقولُه تعالى: {فَأُوَارِيَ} بالنصب عطفٌ على أن أكون، وقرئ بالرفع أي فأنا أواري {فَأَصْبَحَ مِنَ النادمين} أي على قتله لِما كابد فيه من التحيّر في أمره وحملِه على رقبته مدةً طويلة. روي أنه لما قتله اسودّ جسدُه وكان أبيضَ، فسأله آدمُ عن أخيه فقال: ما كنت عليه وكيلاً، قال: بل قتلتَه ولذلك اسود جسدُك، ومكث آدمُ بعده مائةَ سنةٍ لا يضحك، وقيل: لما قتل قابيلُ هابيلَ هرب إلى عدن من أرض اليمن، فأتاه إبليسُ فقال له: إنما أكلت النارُ قربانَ هابيلَ لأنه كان يخدُمها ويعبُدها، فإن عبدتَها أيضاً حصل مقصودُك، فبنى بيتَ نارٍ فعبدها وهو أولُ مَنْ عبد النار.


{مِنْ أَجْلِ ذلك} شروعٌ فيما هو المقصودُ من تلاوة النبأ من بيان بعضٍ آخرَ من جنايات بني إسرائيل ومعاصيهم، وذلك إشارةٌ إلى عِظم شأنِ القتلِ وإفراطِ قُبحِه المفهومَين مما ذكر في تضاعيف القِصّةِ من استعظام هابيلَ له وكمالِ اجتنابه عن مباشرته، وإن كان ذلك بطريق الدفعِ عن نفسه واستسلامه لأن يُقتلَ خوفاً من عقابه وبيانِ استتباعِه لتحمل القاتلِ لإثم المقتول ومن كون قابيلَ بمباشرته من جُملة الخاسرين دينَهم ودنياهم ومن ندامته على فعله مع ما فيه من العتوّ وشدة الشكيمةِ وقساوةِ القلب، والأجْلُ في الأصل مصدر أجَل شراً إذا جناه، استعمل في تعليل الجناياتِ كما في قولهم: من جرّاك فعلتُه أي من أن جرَرْتَه وجنيتَه، ثم اتُّسع فيه واستُعمل في كل تعليل، وقرئ {من إِجْل} بكسر الهمزة وهي لغة فيه، وقرئ مِنَ اجْل بحذف الهمزة وإلقاء فتحتها على النون، ومن لابتداء الغايةِ متعلقةٌ بقوله تعالى: {كَتَبْنَا على بَنِى إسراءيل} وتقديمُها عليه للقصر أي من ذلك ابتداءُ الكَتْب، ومنه نشأ لا من شيء آخرَ، أي قضينا عليهم وبيّنا {أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً} واحدةً من النفوس {بِغَيْرِ نَفْسٍ} أي بغير قتلِ نفسٍ يوجب الاقتصاص {أَوْ فَسَادٍ فِى الارض} أي فساد يوجب إهدارَ دمِها، وهو عطفٌ على ما أضيف إليه {غير} على معنى نفي كِلا الأمرين، كما في قولك: من صلّى بغير وضوءٍ أو تيمُّمٍ بطلت صلاتُه، لا نفيِ أحدِهما، كما في قولك: من صلّى بغير وضوءٍ أو ثوبٍ بطلت صلاتُه، ومدارُ الاستعمالين اعتبارُ ورودِ النفي على ما يُستفاد من كلمة أو من الترديد بين الأمرين المنبىء عن التخيير والإباحة، واعتبارِ العكس، ومناطُ الاعتبارين اختلافُ حالِ ما أضيف إليه {غير} من الأمرين بحسب اشتراطِ نقيضِ الخُكمِ بتحقق أحدِهما، واشتراطِه بتحققهما معاً، ففي الأول يرد النفيُ على الترديد الواقعِ بين الأمرين قبل ورودِه فيفقِدُ نفيَهما معاً وفي الثاني يرد الترديدُ على النفي فيفيد نفيَ أحدهما حتماً إذ ليس قبل ورودِ النفيِ ترديدٌ حتى يُتصَوَّر عكسُه.
وتوضيحُه أن كلَّ حكمٍ شُرِطَ بتحقق أحدِ شيئين مثلاً فنقيضُه مشروطٌ بانتفائهما معاً، وكلَّ حكمٍ شرُط بتحققهما معاً فنقيضُه مشروطٌ بانتفاء أحدِهما ضرورةَ أن نقيضَ كلِّ شيءٍ مشروطٌ بنقيض شرطِه، ولا ريب في أن نقيضَ الإيجابِ الجزئي كما في الحكم الأول هو السلبُ الكليُّ، ونقيضَ الإيجابِ الكليِّ، كما في الحكم الثاني هو رفعُه المستلزِمُ للسلب الجزئي، فثبت اشتراطُ نقيضِ الأولِ بانتفائهما معاً واشتراطُ نقيضِ الثاني بانتفاء أحدِهما، ولمّا كان الحكمُ في قولك: من صلى بوضوء أو تيممٍ صحت صلاتُه مشروطاً بتحقق أحدِهما مُبْهماً كان نقيضُه في قولك: من صلى بغير وضوءٍ أو تيمم بطلتْ صلاتُه مشروطاً بنقيض الشرطِ المذكور البتةَ، وهو انتفاؤهما معاً، فتعين ورودُ النفي المستفادِ من {غير} على الترديد الواقعِ بين الوضوء والتيمّمِ بكلمة {أو} فانتفى تحققُهما معاً ضرورةَ عمومِ النفي الواردِ على المبهم، وعلى هذا يدور ما قالوا إنه إذا قيل: جالس العلماءَ أو الزهاد ثم أُدخل عليه لا الناهية امتنع فعلُ الجميع، نحو: {وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ ءاثِماً أَوْ كَفُوراً} إذ المعنى لا تفعلْ أحدَهما فأيُّهما فعله فهو أحدُهما وأما قولُك: من صلى بوضوء أو ثوبٍ صحت صلاتُه فحيث كان الحكمُ فيه مشروطاً بتحقق كِلا الأمرين كان نقيضُه في قولك: من صلى بغير وضوء أو ثوبٍ بطلتْ صلاتُه مشروطاً بنقيض الشرطِ المذكورِ وهو انتفاءُ أحدِهما فتعين ورودُ الترديد على النفي فأفاد نفيَ أحدِهما، ولا يخفى أن إباحةَ القتلِ مشروطةٌ بأحد ما ذكر من القتل والفساد، ومن ضرورته اشتراطُ حرمتِه بانتفائهما معاً فتعين ورودُ النفي على الترديد لا محالة، كأنه قيل: مَنْ قتل نفساً بغير أحدِهما {فَكَأَنَّمَا قَتَلَ الناس جَمِيعاً} فمن قال في تفسيره أو بغير فساد فقد أبعد عن توفية النظم الكريم حقَّه، وما في {كأنما} كافةٌ مهيئةٌ لوقوع الفعلِ بعدها، وجميعاً حالٌ من الناس أو تأكيد، ومناطُ التشبيهِ اشتراكُ الفعلين في هتك حرمةِ الدماء والاستعصاء على الله تعالى وتجسيرِ الناس على القتل وفي استتباع القَوَد واستجلابِ غضبِ الله تعالى وعذابِه العظيم.
{وَمَنْ أحياها} أي تسبب لبقاء نفس واحدةٍ موصوفةٍ بعدم ما ذُكر من القتل والفساد في الأرض إما بنهي قاتلِها أو استنقاذِها من سائر أسبابِ الهلَكة بوجهٍ من الوجوه {فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} وجهُ التشبيهِ ظاهرٌ والمقصودُ تهويلُ أمرِ القتلِ وتفخيمُ شأن الإحياءِ بتصوير كلَ منهما بصورة لائقة به في إيجاب الرهبةِ والرغبة، ولذلك صدر النظمُ الكريمُ بضمير الشأنِ المنبىء عن كمال شهرته ونباهته وتبادره إلى الأذهان عند ذكر الضمير الموجب لزيادة تقريرِ ما بعده في الذهن، فإن الضميرَ لا يفهم منه من أول الأمرِ إلا شأنٌ مبهمٌ له خطرٌ فيبقى الذهنُ مترقباً لما يعقُبه فيتمكن عند ورودِه فضلُ تمكّنٍ كأنه قيل: إن الشأن الخطيرَ هذا {وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بالبينات} جملةٌ مستقلةٌ غيرُ معطوفةٍ على كتبنا أُكّدت بالتوكيد القسمي وحرفِ التحقيقِ لكمال العنايةِ بتحقق مضمونِها، وإنما لم يُقَلْ ولقد أرسلنا إلخ للتصريح بوصول الرسالةِ إليهم، فإنه أدلُّ على تناهيهم في العتوّ والمكابرة، أي وبالله لقد جاءتهم رسلنا حسبما أرسلناهم بالآيات الواضحةِ الناطقةِ بتقرير ما كتبنا عليهم تأكيداً لوجوب مراعاتِه وتأييداً لتحتم المحافظةِ عليه.
{ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مّنْهُمْ بَعْدَ ذلك} أي بعد ما ذكر من الكَتْب وتأكيدِ الأمر بإرسال الرسلِ تترى وتجديدِ العهدِ مرة بعد أخرى، ووضعُ اسمِ الإشارةِ موضعَ الضمير للإيذان بكمال تميّزِه وانتظامِه بسبب ذلك في سلك الأمورِ المشاهدة، وما فيه من معنى البعدِ للإيماء إلى علو درجتِه وبُعد منزلتِه في عظم الشأنِ، وثم للتراخي في الرتبة والاستبعاد {فِى الارض} متعلقٌ بقوله تعالى: {لَمُسْرِفُونَ} وكذا الظرفُ المتقدم، ولا يقدح فيه توسطُ اللام بينه وبينهما لأنها لامُ الابتداءِ وحقُّها الدخولُ على المبتدأ، وإنما دخولُها على الخبر لمكان إنّ، فهي في حيزها الأصلي، والإسرافُ في كل أمر التباعدُ عن حد الاعتدالِ مع عدم مبالاة به، أي مسرفون في القتل غيرُ مبالين به، ولما كان إسرافُهم في أمر القتلِ مستلزِماً لتفريطهم في شأن الإحياءِ وجوداً وذكراً وكان هو أقبحَ الأمرين وأفظعَهما اكتفي بذكره في مقام التشنيع.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11